.
.
/
.
.
كم كنت مميزا جدا لهدوئى وحيائى أين ذهبا لا أدرى ؟ ربما يبحثان عنى الآن
فيما مضى كنت لا اعرف في الاسلام سوى صلاة يوم الجمعه فكان يضيق صدري يومها جدا ، كما ان الكثير كانوا كذلك لكنهم يخافون التصريح بذلك علناً خوفاً من يطلق عليهم الوصف ( أنت فيك بلا ) ، يوم الجمعة ! ، آخْ من هذا اليوم المقدس ، إنَّ اليوم الجمعة يشكل كابوساً مريراً بالنسبة لي حتَّى وقت قريب ؛ أنْ تنهض على صوت شقيقك الاكبر وصوته كالمنفاخ الكهربائي الذي ينفخ في مجاري النوافذ لطرد الغبار ، الستائر التي تفتح بقوة ، تسرب محاليل التنظيف من تحت باب غرفتك ، والمنزل الذي تضاءلت نسبة الرؤية فيه إلى النصف بسبب ( الدخون ) ، رائحة القهوة التي تزكم أنفك ، دعاء أمي القادم من الدور السفلي في البيت و الإفطار المختصر الذي ينتظرك ، صحن زيتون أخضر ومكعب جبن حامض وكأس شاي غير مضبوط أبداً ، والإحباط الذي يكسو وجهك بمجرد تذكرك لبرنامج الرحلة بعد صلاة الجمعة للقيام بما يسمى بـ ( صلة الأرحام ) ، والدي الذي يذهب باكراً للمسجد اقتداءً بحديث المصطفى ، غير أنَّ الوالد لا يقدم خروفاً مثلاً ، بل ديناصوراً ؛ أنْ تُدير مفتاح السيّارة في ذلك اليوم على صوت المسواك الذي يلعب لعبته في فم الوالد يعتبر تعذيباً ، الدركسون(السّكان) الذي كاد أن يميع من حرارة الشمس ، أن تقف عند الإشارة وتسمع والدك وهو يردد بعض الأدعية والشمس تصفعك صفعاً بين عينيك أعتبره كارثة ، منظر الناس من حولك في الشارع يجعلك تشعر أنهم يقولون ( مسكين ما شبع نوم ) ! ، أن تصل للمسجد وتكتشف وجود بقعة شاي على ثوبك وأن الشماغ الذي تعتمره غير مكوي وقد نسيَت العقال كل هذا يجعلك تفكر جدياً بالصلاة بإصبعك ، والطامة أن يُصر والدك على الصلاة في الباحة الخارجية – مع وجود مكان داخل المسجد المكيف – تحت مظلة تزيد من لسعة الشمس ومراوح زرقاء متهالكة من ماركة (TAT) تجعل السَموم يلفح أنفك بصوتها الذي يجعلك تشعر بدنو الساعة ، وسجاجيد مغزولة من التراب ؛ أتساءل حتى موعد طرح هذا الموضوع ( كيف كان لأبي وأمي هذه النفس الخفيفة في يومٍ مصيري كهذا ؟ لماذا لم نكن نعيش تلك الروحانيه ؟ كيف نعيد تلك الايام لنعيشها بأجرها